الجمعة، 11 يناير 2013

زعمة ثــــــــــــــــــورة ؟؟؟؟؟


 سنتين مرت على ذكرى نجاح ثورة الحرية و الكرامة هذه الثورة المعجزة ثورة قادها شباب غير مسيس , لا يحمل أية ايدولوجيا . و ظلت هذه الفكرة يروّجها جهابذة السياسة  على أنها من محاسن الثورة  و بدعة تونسية ثم عربية .بدعة صنعت الربيع العربي. حالة فريدة في تاريخ الانسانية ثورة بدون قيادات و بدون إيدولوجيا. ثورة أطاحت بأكبر ديكتاتورية عاشتها تونس . ثورة أسقطت نظام بن  علي المافيوزي .

لا شك لدي أنه لم تكن هناك قيادات و لا ايدولوجيا لأن هذا الشعب بسبب إنبطاحة  الذي إستمر للأكثر من 23 سنة    ظل عاجز عن إنتاج فكر يصنع إيدولوجيا معارضة للدكتاتورية وبالتالي لم تكن هناك قيادات معارضة ذات عمق في المجتمع التونسي تقود الثورة . لم يكن عدم بروز تيارات فكرية أو سياسية تقود الثورة أمرا إختياريا من شعب أراد أن لا تفرقه الشعارات الحزبية بل كان أمرا واقعا فرضه تصحر المشهد الفكري و السياسي التونسي الذي فشل في إنتاج مجتمع يؤمن فعلا بالديمقراطية و يتوق للحرية.
يتبادر للذهن هنا طبعا السؤال لماذا إنتفض الشعب التونسي إذا؟



عندما تشتدد طغيان دكتاتورية بن علي  و وصل الى حد إعتقاده أنه يمكن له أن يستبيح كل شيء ولن تكون هناك أية ردة فعل من شعب مغلوب على أمره عندما إطمئن إلى بقائها الى أبد الآبدين تشتدد غروره و غباؤه و يكفي أن تتذكر أية نشرة من نشرات الثامنة و ما تتحتويه من كذب قبيح لا يصدقه حتى المجانين. حتى تعلم مدى نظام بن علي  في أن شعبه يمكن أن يبتلع كل شيء و أن لا شيء يهدده.
شعب قامت الحكومة بتجهيله تجهيلا ممنهجا شعب ظل عاجزا عن إنتاج أي فكر أو إيدولوجيا يمكن أن تقاوم الدكتاتورية. هذا الشعب مثله كمثل القط الذي اذا إشتد به الخطر فإنه للحظات يتحول الى نمر شرس يهاجم سيّده. لكنه سرعان مايرجع قطا أليفا مستكينا.
و هذا ما حدث مع الشعب التونسي  إشتدت به الأزمة فإنتفضت إنتفاضة القط و لأنه ليس هناك أجبن من الدكتاتورية  فإن نظام بن علي إنهار بسرعة.
ولكن هذا الشباب التونسي الثائر  لا يحمل أية إيدولوجيا أو فكر بديل. مجرد شعارات عامة من نوع حرية.. مساوات... هوية عربية... هوية اسلامية و مطالب اجتماعية سرعان ماذهبت أدراج الرياح...



و في ظل غياب إيدولوجيا أو فكر بديل وجد الشعب  التونسي  نفسه بين أمرين إثنين لا ثالث لهما : 
1) الإسلاميون يدعمهم أغلبية الشعب و خاصة الشباب  بسبب شعور ديني قوي  و غيرة على الإسلام و الهوية العربية الإسلامية . إضافة الى الدعم الاعلامي و المادي الكبيرين الذي لقيته حركة النهضة  فكان من السهل عليها أن يملؤا هذا الفراغ.
2) الحزب الحاكم السابق في ثوب جديد هذا الحزب حكم البلاد لأكثر من نصف قرن و لديه قواعد اجتماعية كبيرة تدعمه -أزلام المخلوع -  كما لديه خبرة كبيرة في التنظيم الحزبي و النشاط السياسي بصفة عامة.إضافة كذلك للإعلام التونسي  العميل .

فهذان التياران لا ثالث لهما في المجتمع التونسي . بقية الإحزاب مازالت في مرحلة الطفولة  و يلزمها الكثير من الوقت حتى يصبح لها عمق إجتماعي و دور سياسي في الحياة السياسية .
لذا من الطبيعي أن  تونس ستشهد الانتخابات القادمة نفس الاستقطابات من جهة  الاسلاميون تمثلهم  حركة النهضة و التي أثبتت أنها لا تملك من الدين إلا الإسم . و من أخرى السبسي و التجمعيون في نسختهم الجديدة ( نداء تونس). هذا على أن كلى الطرفين قد يدخل في تحالفات مع بعض الأحزاب الصغيرة الأخرى التي سيكون لزاما عليها أن تختار أحد الشقين .وإلا فإنها ستكون خارج اللعبة تماما. على أن التصويت العقابي في تونس سينقسم بدوره بين الشقين. فهناك من سيصوت للاسلاميين عقابا للتجمعيين و آخرون سيصوتون للسيبسي عقابا لحكومة النهضة على فشلها في الوفاء بوعودها الانتخابية في هذه المرحلة .
و بين هذا و ذاك سيظل المواطن التونسي  ضحية عدم قيامه بثورة فكرية تؤسس لمرحلة ما بعد الكتاتورية